الخصوصية التي تميز العلاقات السعودية الأردنية لم تكن وليدة موقف أو نتاج تحالف آني فرضته ظروف معينة بل هي تراكم عقود من العمل المشترك والتطابق الكامل في وجهات النظر حيال القضايا التي عاشتها المنطقة والعالم.

والأردن كدولة تمثل ركيزة مهمة في السياسة السعودية فالواقع واحد والمصير واحد والهم مشترك، ولم تكن أي من المملكتين في يوم من الأيام طرفاً في معسكر اعتداء على آخر بل على العكس كانتا في مقدمة المبادرين لنزع فتيل الأزمات وتحملتا الكثير من تبعاتها في سبيل الوصول إلى أمة عربية قوية وعالم إسلامي مستقر وآمن.

ومن هنا تأتي أهمية الزيارة التاريخية التي بدأها أمس خادم الحرمين الشريفين إلى الأردن في رحلة تحمل بشائر الخير للبلدين وترسخ علاقات أخوية تتجاوز مفاهيم الشراكة بطابعها التقليدي إلى معنى وحدة الواقع ومعه الهدف والمصير، وهو نفس المستوى الذي تعكسه العلاقات على المستوى الشعبي حيث يمثل مواطنو البلدين ثقافة واحدة تؤطرها منظومة أصيلة من العادات والتقاليد وتاريخ طويل من المصاهرة وحسن الجوار.

اللقاء بين الملك سلمان وأخيه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يحمل عدة عناوين في مقدمتها مواصلة الحوار السياسي تجاه الأزمات التي تعيشها المنطقة، وكذلك تعزيز التعاون بين مؤسسات البلدين على الصعيد الاقتصادي، وملفات تنموية وفنية تؤسس لحقبة جديدة من مستقبل العلاقات بين المملكتين الشقيقتين.

وكما هو معروف فالأردن التي تمثل المملكة لها عمقاً إستراتيجياً وسنداً قوياً فرضت عليها ظروف الجوار مواجهة أزمات معقدة تحملت معها ملفات ثقيلة بصفتها دولة مواجهة مع الكيان الصهيوني مروراً بملف اللاجئين الفلسطينيين، وتبعات الوضع العراقي منذ حرب الخليج الثانية، وأخيراً الأزمة السورية، ومن خلال لقاءات القمة بين زعيمي البلدين وسلسلة متواصلة من مباحثات المسؤولين فيهما سترسم وتنفذ خارطة مستقبل مشرق يتوافق مع طموح القيادتين والشعبين الشقيقين.