أشاد عدد من الخبراء والسياسيين الأردنيون بعمق ومتانة العلاقة السعودية الأردنية والدور المحوري للمملكة العربية السعودية في مواجهة تحديات المنطقة العربية، وشددوا في تصريحات لـ"الرياض" على أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للأردن تحمل بين طياتها رسالة سياسية فحواها أن أمن البلدين واحد.

حيث يؤكد الدكتور سعود فياض، مدير مركز شُرُفات لدراسات العولمة والارهاب بالأردن على أن العلاقات السعودية - الأردنية تاريخية وعميقة وواسعة جدا ًوتضرب عميقاً في وجدان الأردنيون جميعاً، وبنيت على أسسٍ متينة من الوشائج والعلاقات الإنسانية وحركة البشر والناس، وحقيقة لن يجد الأردن أخا وحليفا يعتمد عليه أعظم وأهم من المملكة.

وقال ليس من الغريب أنّ هناك اهتماما وتحضيرات واسعة ومنقطعة النظير لزيارة خادم الحرمين الملك سلمان وتعويل كبير على مختلف المستويات للفوائد المشتركة للبلدين خاصة للجانب الأردني الذي يعاني من أزمة اقتصادية - اجتماعية خانقة حاليا.

وأضاف بأنه من المتوقع، أن تتصدر مواضيع هذه الأزمة جدول وأجندة خادم الحرمين في لقائه شقيقه الملك عبدالله الثاني، إضافة إلى عناوين مثل استمرار وتسارع الفوضى السياسية والحرب الطاحنة على الخواصر الغربية والشرقية والشمالية للأردن في فلسطين والعراق وسوريا الأمر الذي أدى إلى إغلاق الحدود أو شلها تجاريا وبشرياً وهو ما انعكس سلبا وعميقا في بنية وسلوك الدولة وقطاعات المجتمع الأردني، ثم جمود عملية السلام واستمرار الاستيطان الإسرائيلي والصراع في غزة إلى استمرار تهديد خطر التطرف والإرهاب الداخلي أو المتسلل من الحدود العراقية أو السورية وأزمة اللاجئين.

كما بين أن المملكة والأردن حاربتا ظاهرة التطرّف والإرهاب العالمي بجميع صورهما وأشكالهما، وأيًّا كانت مصادرهما، بقوّة وحزم، وتعاونت لأجل ذلك مع الدول الشقيقة والصديقة والهيئات الدوليّة، للقضاء على هذا الخطر الذي يتهدد الشعوب العربية والإسلامية قبل غيرها، وأدى إلى انتشار وتسارع ظاهرة الاسلاموفوبيا في الغرب وفي أمريكا الأمر الذي ضيق على حركة المسلمين في العالم، ولعل قوانين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بمنع مواطني عدد من الدول الإسلامية دخول أمريكا لدليل على ذلك.

وفي الملف الاقتصادي، الذي من المتوقع أن يناقش باهتمامٍ كبير فباستطاعتنا القول بأنّ هناك وعيا وإدراكا لدى الأردنيين أن المملكة العربية السعودية على مدى العقود الماضية، كانت هي الداعم الأكبر للاقتصاد الأردني، وفي الأزمات الاقتصادية الحادة كانت المساعدات السعودية هي المنقذ الرئيسي للمملكة.

فعلى سبيل المثال، تظهر الأرقام المتعلقة في التبادل التجاري بين البلدين، عمق وسعة العلاقة بين البلدين، إذ بلغت قيمة الصادرات السعودية للأردن في عام 2015م 10 بليون و246 ألف دولار، بينما ارتفعت قيمة صادرات الأردن للسعودية من بليون و900 ألف دولار في عام 2005 إلى 3 بليون دولار في العام 2015م.

والجميع في الأردن يعلم أنه بعد انقطاع النفط العراقي عن الأردن عقب احتلال العراق 2003م، كان النفط السعودي هو البديل والمنقذ لاقتصاد البلاد الذي أصيب بالانكماش، حيث حصل الأردن لمدة ستة أشهر على 100 ألف برميل نفطي كمنحة، ثم انخفضت الى 50 ألف برميل، ثم تحولت إلى منح مالية مباشرة بقيمة تناهز الـ200 مليون دولار سنويا.

كما أن مجلس التنسيق السعودي - الأردني، الذي أُعلن عن تشكيله في شهر نيسان 2016م، يشكل جزءاً من تحالفات اقتصادية واعدة بين البلدين، بهدف احتواء أزمات وحروب المنطقة الملتهبة.

مشيرا إلى أن ما يعكس عمق وتجذر هذه العلاقة هو قيمة الاستثمارات السعودية في الأردن التي بلغت نحو 10 مليار دولار، عدا عن وجود ما يزيد على أربعة آلاف طالب سعودي يلتحقون في الجامعات الأردنية المختلفة، ونحو مليون و500 ألف سعودي زاروا الأردن خلال العام 2015، من مجموع حوالي ثلاثة ملايين سائح عربي وأجنبي، وهو ما يؤكد بأن الأردن مقصد أثير للسائح السعودي، لما يتمتع به من الأمن والاستقرار وطيب معشر ولقاء وأريحية عربية أصيلة تُذكر وتشعر السعودي بأنه لم يغادر بيته وعشيرته.

كما أكد عادل محمود، محلل سياسي أردني على أن زيارة خادم الحرمين الشريفين تحمل بين طياتها رسالة سياسية محتواها بأن أمن المملكة وأمن الاردن واحد، وقال إن الزيارة سوف تعزز العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين وتدفع بعجلة المشاريع الاقتصادية نحو التنفيذ، أما على صعيد الملفات السياسية المرتقب تناولها يأتي في مقدمتها ملف التقارب العربي وجهود البلدين في تكريس هذا التقارب على هامش انعقاد القمة العربية. ثم ملف محاربة الارهاب وخاصة أن كلا البلدين يواجهان الارهاب الايراني عبر المليشيات العابرة للحدود والتي باتت تشكل خطرا على الأمن القومي العربي مثل داعش الايرانية والتي تهدد الحدود الاردنية، لكن الملف السياسي الابرز هو تطورات الازمة السورية والتي سوف تلقي بظلالها على اجندة القمة العربية. أما على صعيد ملف القضية الفلسطينية فإنه يتوقع أن يتم تناول هذا الملف بشكل لافت كون كلا البلدين يدعمان الصمود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وتأكيدهم الدائم على مبادرة السلام العربية وحل الدولتين.