لم يكن أمس الأربعاء يوماً عادياً للسعوديين، ذاك أن كثيراً منهم لامس بنفسه أحد أهم البرامج التي تضمنتها رؤية المملكة 2030.. أدرك المواطن أن الخطط غدت بالفعل تلامس حاجاته، والوعود تنفذ.. فالحديث عن الرؤية، وبرنامجي التحول الوطني، والتوزان المالي.. بدأت بالعمل، وجميعها تستهدف توفير حياة كريمة له ولأسرته.

الدعم الحكومي للعديد من منتجات الطاقة، أو حتى الغذائية.. كان في السابق يأخذ مبدأ الدعم المباشر للمنتجات، وبالتالي تكون الاستفادة منه للجميع.. بمعنى أن المواطن البسيط -المحتاج للدعم- الذي لا يمتلك سيارة لا يستفيد من الدعم، والثري -غير المحتاج للدعم- الذي يمتلك أكثر من سيارة يستفيد منه.. أليست معادلة مختلة العدالة؟ إذاً تحقيق العدالة في توجيه الدعم للمستحق أمر مهم؛ وهو أهم أهداف برنامج "حساب المواطن" الذي شهد إقبالاً كبيراً للتسجيل فيه.

لقد بلغ إجمالي قيمة الدعم الحكومي لمنتجات الطاقة والمياه في عام 2015 أكثر من 300 مليار ريال، في حين أن إجمالي الدعم المتوقع لحساب المواطن "المستحق" هذا العام 25 مليار ريال.. وهذا هو المقصود برفع كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك؛ للوصول إلى تحسين الوضع المالي العام في المملكة.

حسناً.. ماذا عن الوفر المتحقق من هذه الخطوات؟

الجميع يعلم أن المملكة دولة تحتاج إلى التوسع في كثير من مكونات التنمية في عدة قطاعات: التعليم، الصحة والإسكان، وهي مثلث التنمية الرئيسي الذي يحتاج إلى إنفاق ضخم، وبالتالي فإن الوفر المتحقق من "الاستهلاك الرشيد" لمنتجات الطاقة سيوجه إلى الأضلاع الرئيسة في مثلث التنمية التي تخدم الجميع.

"حساب المواطن" وسيلة الدعم الرئيسة والأولى للمواطن، وفي نفس الوقت يمكن لـ"التنمية الاجتماعية" أن تكون بياناته مرجعاً مهماً لقياس مؤشرات الاستهلاك الشهري، ومتغيرات هذا الاستهلاك.. ثم وضع مؤشرات تقيسه، بالتوازي مع مؤشرات الأسعار وتكلفة المعيشة التي تصدر شهرياً عن الهيئة العامة للإحصاء؛ ونعتقد أن مثل تلك المؤشرات ستكون أدوات استرشاد لقطاعي التجزئة والاستثمار.

لا شك أن المرحلة المقبلة بكل مافيها من متغيرات وتغييرات، تتطلب منا تغيراً مماثلاً يوازي الجهود الحكومية المبذولة لتأسيس تنمية مستدامة تخدم الأجيال المقبلة.. التغيير يبدأ بأنفسنا، بطبيعة حياتنا، والبعد عن المظاهر المزيفة التي تستنزف الجيوب، وتجعل البعض أسيراً لمتطلبات مالية قد لا يستطيع تحملها.. السماء لا تمطر ذهباً، ولا نستطيع الوصول إليها؛ لكن الأرض تنبت ما هو أغلى من الذهب لأننا نعيش عليها، خاصة إذا كانت البذرة سليمة، والعناية مستمرة.. تلك هي الحال عندما نحسن إدارة موارد المال.