ليس جديدا عدم انصياع (إسرائيل) للقرارات الدولية بشأن إنشاء المستوطنات والتمادي في غيها وصلفها دون رقيب أو حسيب ، فكل القرارات الدولية الرافضة لتلك المستوطنات تجاهلتها الحكومة الإسرائيلية ولم تلق لها بالا رغم أن تلك المستوطنات عقبة رئيسية في إحلال السلام المنتهي بإقامة دولتين خاصة الدولة الفلسطينية المقصودة بإقامة تلك البؤر المراد منها عدم إقامة الدولة الفلسطينية أو بعثرتها حال أن قامت، وهذا أمر مستبعد الحدوث في المستقبل المنظور عطفا على الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية وعلى استمرار السياسات الإسرائيلية الرافضة للسلام الشامل والعادل.

أي متابع يستطيع أن يعرف أن إسرائيل لا تريد السلام إلا بما يوافق مخططاتها وأهدافها في المنطقة، بل يذهب الكثير من أرباب السياسة الإسرائليين إلى الاعتقاد أن السلام المنتهي بإقامة دولتين يعني بداية النهاية لدولة إسرائيل، ومن هذا المنطق والمنطلق يرفضون أي سلام يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار، وهنا يأتي دور المستوطنات التي تمثل حواجز بين المناطق ذات الأغلبية السكانية الفلسطينية وتمنعها من الاتصال ببعضها وبالتالي تفقد مقومات إقامة دولة قابلة للعيش وسط غابة من المستوطنات سواء أكانت شرعية أو غير شرعية.

الاتجاه الإسرائيلي لم يقتصر على الاستمرار في بناء المستوطنات وإعطائها شرعية أحادية الجانب، بل يتم التركيز الآن على تغيير ديموغرافية المدن الفلسطينية والقدس المحتلة دليل جلي على النوايا الإسرائيلية كما الخليل، وهو مشروع غاية في الخطورة وينذر بتفجر الأوضاع وانعكاسها على الوضع الإقليمي غير المستقر أصلا، كل ذلك يأتي وسط صمت دولي على ما تقوم به إسرائيل من استفزاز متواتر دون حتى التوجس من إمكانية حدوث ردود فعل توازي الفعل نفسه، ومؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط خير دليل على الصلف الإسرائيلي.

المقبل من الأيام سيجدد معرفتنا أن إسرائيل ترفض كل الجهود المبذولة للتوصل إلى صيغة توافقية للسلام المنشود، وأنها ستمضي في تنفيذ مخططاتها طالما غض المجتمع الدولي الطرف عن ممارساتها وصلفها.